حيدر بن عبدالرضا اللواتي
[email protected] –
المؤتمر السنوي الذي عقدته وزارة النفط والغاز قبل عدة أيام بمركز عمان للمؤتمرات والمعارض تحت شعار «ملتزمون بالتنمية المستدامة» كشف الكثير من التطورات التي يشهدها قطاعي النفط والغاز وما يرتبط بهما من الصناعات الحديثة التي أنشئت خلال العقد الماضي. فهذا المؤتمر السنوي الذي يحضره المسؤولون من الوزارة المعنية بجانب الرؤساء التنفيذيين ومديري عموم الشركات العمانية العاملة في تلك المجالات يتناول العديد من التطورات المتعلقة بإنتاج النفط والغاز في البلاد، والشركات التي تقوم بتصنيع المنتجات النفطية وتتكامل مع هذين القطاعين في تلك المشاريع الحيوية، بالإضافة إلى جهودها المستمرة في تشغيل الكوادر العمانية، والنسب المئوية المتوقعة «للتعمين» لديها خلال الفترة الحالية والمقبلة، بالإضافة إلى تكلفة المشاريع والمناقصات والامتيازات في المناطق الجديدة للنفط والغاز.
الأمر الجيد الذي يطمئن إليه الجميع اليوم هو أن احتياطي السلطنة من النفط في زيادة مستمرة، وهذا يعني تحويل المزيد من الأموال وضخها إلى خزانة الدولة مستقبلا، وبالتالي تعزيز بنود الموازنة المالية السنوية للبلاد. فالنفط ما زال يشكّل المورد الرئيس لإيرادات السلطنة، بالرغم من الجهود المبذولة لتنويع مصادر الدخل، وتنمية القطاعات غير النفطية التي تنمو بشكل تدريجي. فقد كشف سعادة سالم العوفي وكيل وزارة النفط والغاز عن ارتفاع جديد في إجمالي احتياطي السلطنة من النفط ليصل إلى حوالي 4791 مليون برميل في نهاية عام 2018م بارتفاع يقارب حوالي 51 مليون برميل عما كان عليه في نهاية عام 2017م. أما في مجال إنتاج الغاز، فإن متوسط الإنتـاج اليومي للغاز الـطبيعي إضافة إلى الغاز المستورد من دولفين بلغ حوالي 125 مليون متر مكعب يوميا مقارنة بنحو 112 مليون متر مكعب يوميا في عام 2017م. وهذه الزيادة وكيفية استغلالها تتطلب ضخ مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية في هذه القطاعات الهامة مستقبلا، الأمر الذي يتطلب بذل المزيد من الجهود لتشجيع القطاع الخاص للاستثمار المشترك في قطاعي النفط والغاز، في الوقت الذي نتوقع فيه تشغيل مزيد من المشاريع المرتبطة بهذين القطاعين خلال الفترة المقبلة والتي تبلغ قيمتها حاليا 22 مليار دولار.
فبعض هذه المشاريع من المتوقع أن ينتهي العمل ببعضها خلال العام الحالي، فيما يتوقع الانتهاء من مشروع مصفاة الدقم خلال عام 2022. ولجميع تلك المشاريع قيمة مضافة تصل إلى حوالي 40%، وهذه المبالغ يتم صرفها داخل السلطنة لتعزيز النشاط والحركة التجارية والاستثمارية في البلاد، الأمر الذي يعطي فرصة لدخول المزيد من العمانيين في العمل التجاري وتأسيس المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتقديم خدماتها للمؤسسات العاملة في هذه المجالات.
كما أن هذه المشاريع أصبحت اليوم منفذا كبيرا للباحثين عن عمل، سواء في قطاعي النفط والغاز أو في قطاعات اقتصادية أخرى، حيث تهتم تلك الشركات وعلى رأسها شركة تنمية نفط عُمان بالمساهمة في تمويل أنشطة التدريب للعمانيين لتشغيلهم في قطاعات خارج قطاع النفط والغاز وقد بلغ عددهم حاليا 2000 شاب عُماني باحث عن عمل. ويتحقق ذلك في إطار المسؤولية الاجتماعية لهذه الشركات التي تستفيد هي الأخرى من الموارد المالية التي يتم تحقيقها سنويا من عملياتها الإنتاجية والتجارية في هذين القطاعين.
فقد أبرمت شركة تنمية نفط عمان أربع اتفاقيات مع شركائها بغية توفير فرص العمل للعمانيين من خلال التدريب المقرون بالتشغيل والتوظيف المباشر وإعادة الاستيعاب والتدريب على رأس العمل، حيث يضم شركاء الشركة كل من هيئة تقنية المعلومات والمؤسسة العامة للمناطق الصناعية (مدائن) والشركة العمانية للاستثمار الغذائي القابضة، والهيئة العمانية للشراكة من أجل التنمية، بجانب تعاونها المستمر مع مؤسسات التدريب التابعة لوزارة القوى العاملة. ومهمة هذه المؤسسات هي توفير وظائف بدوام كامل للمتدربين في مجموعة متنوعة من القطاعات، بما في ذلك العمليات وتكنولوجيا المعلومات والمحاسبة ومجموعة من المهن الفنية والإدارية الأخرى.
ويأتي ذلك في إطار جهودها من أجل دعم مسيرة الاقتصاد الوطني، مع تأكيدها الالتزام بتوسيع جهودها على صعيد إيجاد فرص العمل، وتنويع أشكال الدعم لتشمل القطاعات الاقتصادية الأخرى خارج أعمال الشركة، مع التركيز على مجالات تكنولوجيا المعلومات، وهي تدخل عصر الثورة الصناعية الرابعة، الأمر الذي يعزز من أداء وتأمين طرق أكفأ للعمل في المؤسسات.
وفي إطار جهود القيمة المحلية المضافة تعمل الشركة بالمساهمة في هذا البرنامج لتشجيع الشركات المحلية بالانخراط في مجال الصناعة والخدمات المختلفة بقطاع النفط والغاز، وزيادة نسبة إنفاق الشركات على المشتريات والعقود للموردين المسجلين محلياً. وتظهر البيانات الرسمية بأن القيمة المضافة في تحسن مستمر حيث وصلت نسبتها بنهاية 2018 إلى 40٪ من قيمة الاتفاق منذُ أن تم تطبيقه وبزيادة سنوية بنسبة 2٪، حيث تستمر القيمة المضافة المحلية في دعم السوق المحلي والشركات المحلية من خلال برنامج تنمية الموردين، والتصنيع، وتقديم الخدمات لتلبية المعايير والمتطلبات الصناعية.
وفي الوقت الذي تبذل فيه هذه الجهود من شركة تنمية نفط عمان، فإنها تتعهد في الوقت نفسة بإيجاد مزيد من الأعمال، للمواطنين، حيث تعهدت مؤخرا بإيجاد 21 ألف فرصة عمل لهم خلال العام الحالي في إطار البرنامج الذي دشنته الشركة لتحقيق الأهداف الوطنية لها منذ عام 2011 حيث نجحت في توفير أكثر من 55 ألف فرصة عمل وتدريب وإعادة استيعاب ونقل ومنح دراسية للعمانيين في القطاعات النفطية وغير النفطية، مثل الضيافة والعقارات وصناعة الملابس والطيران.
إن أعداد العاملين في الشركات المشغلة لقطاعي النفط والغاز تتزايد سنويا، فقد بلغ إجمالي عدد الموظفين في الشركات المشغلة لمناطق الامتياز، وشركة النفط العمانية للمصافي والصناعات البترولية، والشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال، وشركة الغاز العمانية بنهاية عام 2018م حوالي 18095موظفا، منهم 14927 موظفا عمانيا بنسبة 82%، فيما بلغ عدد الوافدين في تلك الشركات 3168 موظفا بنسبة 18%، حيث قامت تلك الشركات في العام الماضي بتوظيف 800 مواطن في الوظائف الفنية والهندسية والإدارية.
إن جهود الجهات المعنية عن قطاعي النفط والغاز مستمرة لتشجيع القطاع الخاص المحلي والأجنبي للاستثمار المشترك في هذه القطاعين وفي جميع المشاريع البترولية التي تعمل في مجالات استكشاف النفط وإنتاجه وتطويره بجانب إقامة المشاريع المعتمدة على الغاز، ومشاريع الخدمات المساندة للصناعة البترولية. وأصبحت لدى السلطنة اليوم قدرة إنتاجية من النفط والمكثفات تصل نحو مليون برميل يومياً لأعوام عديدة قادمة وفق تصريحات المسؤولين بوزارة النفط والغاز، فيما أصبح عدد الشركات المشغلة لمناطق الامتياز البترولية 19 شركة وطنية وعالمية تعمل في 32 منطقة امتياز، في الوقت الذي سيتم فيه منح مناطق امتياز أخرى خلال العام الجاري.
إن احتياجات النفط ومنتجاته لشعوب العالم مستمرة، الأمر الذي يؤكد بأن قطاع النفط والغاز سيبقى له أهمية كبيرة خلال المرحلة المقبلة بالرغم من دخول منتجات الطاقة المتجددة في بعض مشاريع اليوم. وفي السلطنة ستكون هناك المزيد من العمليات الاستكشافية في مناطق الاستكشافات الجديدة، فيما تقوم الوزارة المعنية بوضع السياسات والاستراتيجيات للتكامل مع المشروعات الصناعية التي تنفيذها في هذا القطاع.
جريدة عُمان
هذا الموضوع يثير تساؤلات كثيرة حول أوقاف اللواتية في السور وفي مقبرة اللواتية. هل تم إشهارها كأوقاف القبيلة وهل تشملها القوانين والتشريعات الجديدة؟